الإثنين, 3 نوفمبر 2025 04:31 PM

كيف تتعامل بذكاء مع صديق كثير الشكوى: نصائح نفسية وعملية

كيف تتعامل بذكاء مع صديق كثير الشكوى: نصائح نفسية وعملية

قد يكون التذمر وسيلة للتواصل الإنساني، حيث نشعر بالفهم والتقارب عندما نشارك أصدقاءنا شكاوى بسيطة حول الزحام، الطقس السيئ، أو ضغوط العمل. فالتذمر الخفيف، كما ذكرت الكاتبة والمعالجة النفسية ليزلي ألدرمان في مقالها بصحيفة «واشنطن بوست»، يمكن أن «يبني الألفة ويمنحنا شعوراً بالراحة».

لكن المشكلة تبدأ عندما يتحول التذمر إلى عادة مزمنة، متكررة، خالية من الدعابة، أو مليئة بالغضب والشفقة على الذات. عندها يفقد دوره المريح ويصبح عبئاً نفسياً يرهق المستمعين ويخلق حلقة من السلبية المتبادلة. فالمستمع المستمر قد يمتص هذه الطاقة ويبدأ بالشكوى من الشاكي نفسه، لتبدأ دائرة لا تنتهي من التذمر.

عندما يصبح الصديق مصدراً دائماً للشكوى، يواجه المرء معضلة: هل يتجنبه حفاظاً على راحته النفسية، أم يواجهه ويخاطر بتوتر العلاقة؟ ترى ألدرمان أن الطريقة المناسبة تعتمد على أهمية العلاقة، وتقترح خمس خطوات للتعامل بذكاء وتعاطف:

  1. فكّر في السياق: إذا كان التذمر جديداً أو أشد من المعتاد، فقد تكون وراءه أزمة خفية، مثل مشكلات في العمل، خلاف عائلي، أو توتر صحي. رؤية الصورة الكاملة تمنحنا تعاطفاً أكبر.
  2. كثير من الناس، كما تشرح ألدرمان، يشتكون من أمور صغيرة لأنهم لا يملكون الشجاعة أو الوضوح للتعبير عن ألمهم الحقيقي. فالشكوى أسهل من الاعتراف بالضعف. وفي أحيان أخرى، قد يعاني الشخص مما يُعرف بالتحيّز نحو السلبية – الميل إلى التركيز على الجوانب السيئة في الحياة – وهو مرتبط عادة بالتوتر والقلق والاكتئاب. في مثل هذه الحالات، قد يكون الرد البسيط أكثر فاعلية من النصيحة: «يبدو أن الأمور مرهقة هذه المدة… ما أكثر ما يزعجك تحديداً؟» كلمة طيبة كهذه قد تُخفّف من إحباطه وتمنحه الدعم الذي يبحث عنه.
  3. كن مملاً عن قصد: إذا كان صديقك يعيد الشكوى نفسها مراراً، فربما يفعل ذلك لأنك تُصغي جيداً وتمنحه اهتماماً كبيراً. الحلّ هو أن تكون مستمعاً أقل تفاعلاً. عندما يبدأ في التذمر مجدداً، اكتفِ بردّ قصير مثل: «هذا صعب» أو «يبدو متعباً فعلاً»، ثم غيّر الموضوع. تسمي ألدرمان هذا الأسلوب «أن تكون صخرة رمادية» — أي أن تبقى هادئاً وغير متفاعل حتى لا تغذّي سلوكه بالاهتمام الذي يبحث عنه.
  4. اقترح مساعدة متخصّصة: بعد إظهار التعاطف، اقترح توجيهاً عملياً. إن كان يعاني من مشكلة زوجية، شجّعه على زيارة معالج نفسي. إن كانت مهنية، يمكن أن يستفيد من خبير توظيف أو مدرّب مهني. وإن كانت قانونية، وجّهه إلى محامٍ. يمكنك أن تقول مثلاً: «لو كنت مكانك، كنت سأطلب مساعدة مختصّ في هذا المجال». بهذا، تكون قد دعمت صديقك من دون أن تتحمّل وحدك عبء مشكلاته.
  5. كن مباشراً: أحياناً، لا يدرك الناس كم يشتكون أو مدى إزعاجهم للآخرين. لذا، إن كانت العلاقة مهمة، اختر الصراحة اللطيفة. قل مثلاً: «هل لاحظت أنك تشتكي كثيراً في المدة الأخيرة؟» أو «أعرف أن الوضع صعب، لكن هل فكّرت بما يمكنك تغييره؟» وإذا كرّر نفس الشكوى دائماً، يمكنك أن تسأله ببساطة: «لماذا تخبرني بهذا؟» يشرح البروفيسور روبين كوالسكي، أستاذ علم النفس في جامعة كليمسون، أن هذا السؤال يجبر الشخص على التفكير في دوافعه. وقد يشعر بالانزعاج أولاً، لكنه لاحقاً يبدأ في إدراك سلوكه وربما يُعدّله من تلقاء نفسه.
  6. تراجع قليلاً: إذا لم تنجح كل المحاولات السابقة، خفّف من التواصل تدريجياً. اقضِ وقتك معه في مناسبات جماعية، حيث يخفّ تأثير شكواه بوجود آخرين. فبعض الناس، كما تقول ألدرمان، «مولودون بشخصية كثيرة التذمّر، ولا يمكن تغييرهم بالكامل».

ورغم أن الأشخاص الكثيري الشكوى قد يُرهقوننا، تحثّ ألدرمان على رؤيتهم أيضاً كأشخاص صادقين في التعبير عن مشاعرهم. فمن يشتكي باستمرار قد يكون منفتحاً وصريحاً، بينما من يخفي انزعاجه خلف قناع من الإيجابية المفرطة قد يكون مرهقاً هو الآخر.

المصدر: أخبار سوريا الوطن

مشاركة المقال: