في هذا العصر الرقمي، لم يعد منزلنا الحصن الآمن الذي نتوقعه. فالأجهزة الذكية التي تسهل حياتنا اليومية قد تتحول دون أن ندري إلى أدوات تجسس خفية، تجمع بيانات حساسة أو تبث الصوت والصورة دون علمنا. مع ازدياد اعتمادنا على هذه التقنيات، يصبح من الضروري أن نعي الأجهزة التي قد تعمل كعيون وآذان خفية في منازلنا.
أجهزة التلفاز الذكية:
لم تعد أجهزة التلفاز مجرد وسيلة لمشاهدة المحتوى المرئي، بل أصبحت منصات متكاملة للبث وتصفح الإنترنت والتحكم في الأجهزة المنزلية الذكية الأخرى. وعلى الرغم من ميزاتها الترفيهية، فإن العديد من هذه الأجهزة تجمع بيانات المستخدمين بصمت، مثل تفضيلات المشاهدة وكل ضغطة زر، وذلك عبر تقنية "التعرف التلقائي على المحتوى" (ACR). حتى إذا كان لديك تلفاز من شركات مثل سامسونغ أو إل جي أو فيزيو، فقد تُرسل بيانات المشاهدة إلى خوادم الشركة ثم تباع للمعلنين، كما حدث مع غرامة فيزيو البالغة 2.2 مليون دولار في عام 2017. ويزداد القلق عندما يحتوي التلفاز على كاميرا مدمجة، حيث تبقى بياناتك تحت المراقبة حتى بعد تعديل الإعدادات أو تغطية العدسة.
أجهزة تتبع اللياقة البدنية والساعات الذكية:
تجمع هذه الأجهزة معلومات دقيقة عن صحتك، مثل معدل ضربات القلب، وعدد الخطوات، ونمط النوم، وحتى موقعك أثناء ممارسة الرياضة. ورغم أن الهدف منها صحي، إلا أن البيانات تُرسل إلى خوادم سحابية تملكها شركات يمكنها مشاركة أو بيع هذه المعلومات، كما حدث مع تطبيق Polar في عام 2018 الذي كشف بيانات حساسة لأفراد عسكريين.
المساعدات الصوتية ومكبرات الصوت الذكية:
أجهزة مثل أمازون إيكو وغوغل هوم تستجيب لأوامرك الصوتية عبر كلمات التنبيه مثل "أليكسا" أو "هاي غوغل"، ولكنها قد تسجل محادثات خاصة عن طريق الخطأ. ففي عام 2019، تم تسريب أكثر من ألف محادثة مسجلة عبر أجهزة غوغل في بلجيكا وهولندا، بينما سجل جهاز أمازون إيكو في بورتلاند محادثة خاصة وأرسلها إلى شخص آخر. لتجنب هذه المخاطر، يُنصح بحذف سجلات التسجيلات الصوتية بانتظام وإيقاف تشغيل الميكروفون عند عدم الحاجة إليه.
أجهزة المنزل الذكية:
كل جهاز ذكي تضيفه إلى منزلك يجمع بيانات عن تحركاتك ونمط حياتك، من منظمات الحرارة إلى المصابيح وكاميرات الأمان، وحتى المكنسة الكهربائية الذكية. وفي عام 2019، تمكن هاكر من اختراق كاميرا مراقبة للأطفال والتحدث مع طفلة صغيرة، ما يوضح مدى إمكانية استغلال هذه الأجهزة لمراقبتك عن بعد.
أجهزة تتبع البلوتوث:
أجهزة التتبع عبر البلوتوث، مثل "إير تاغ" من آبل و"تايل"، تبدو أدوات مفيدة لتتبع المفاتيح أو الأمتعة، ولكنها استخدمت أيضاً لأغراض غير قانونية، مثل تتبع الأشخاص دون علمهم. ففي فلوريدا وكاليفورنيا أبلغ عن حالات تتعلق بالمطاردة والتتبع غير القانوني باستخدام هذه الأجهزة، التي ترسل إشاراتها باستمرار إلى قاعدة بيانات الموقع التابعة للشركة.
الهواتف الذكية:
يعد الهاتف الذكي الأداة الأكثر قدرة على التجسس على حياتك. فهو يعرف الأماكن التي تزورها، والمحادثات التي تجريها، والبحث الذي تقوم به، وكل تطبيق تثبته على جهازك يمثل قناة جديدة لمراقبتك. حتى تعديل الإعدادات لا يوقف المراقبة، فالهاتف يتتبعك من نظام التشغيل إلى مزود الخدمة والتطبيقات، ليصبح بذلك جهاز تتبع متطور ندفع ثمنه بأنفسنا، ونحمله معنا يومياً دون وعي كامل بالمعلومات التي يجمعها عنا.
في النهاية، مع كل الابتكارات التكنولوجية، يجب أن يكون وعي المستخدمين بالخصوصية والأمان الرقمي جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية، لتقليل المخاطر وحماية بياناتهم من التجسس غير المرغوب فيه.