نظمت جمعية فضا للتنمية المجتمعية في طرطوس محاضرة بعنوان "تشكل الهوية الوطنية والعوامل المؤثرة في تطورها" قدمها الدكتور زيدون الزعبي، الباحث والخبير في قضايا الحوكمة والهوية الوطنية. وقد حضر المحاضرة نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن العام، بالإضافة إلى عدد من طلاب الجامعات.
أكد الدكتور الزعبي في بداية محاضرته أن الهوية الوطنية ليست ثابتة، بل هي عملية مستمرة تتأثر بالظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية. وأشار إلى أن الهوية السورية تعرضت لاهتزازات عميقة خلال العقود الماضية، وتفاقمت خلال سنوات الحرب بسبب الانقسام المجتمعي وغياب الدولة الجامعة. ودعا إلى استمرار الحوار بين جميع الأطياف السورية والتيارات الاجتماعية والسياسية، وبين السلطة والناس.
أوضح الزعبي أن هناك عوامل متعددة تؤثر في تشكيل الهوية الوطنية، مثل الجغرافيا واللغة والثقافة والدين، بالإضافة إلى مؤسسات الدولة التي تعزز شعور المواطنين بالانتماء والعدالة والمواطنة المتساوية. وأشار إلى أن أي خلل في هذه العوامل قد يؤدي إلى تراجع الشعور بالهوية الوطنية.
وفي حديثه عن الهويات الفرعية، أكد الزعبي أن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا يمكن أن يكون قوة دافعة لتعزيز الهوية الوطنية إذا أُدير بشكل عادل وشامل. وأضاف أن الهويات المحلية جزء من النسيج السوري، ويمكن أن تساهم في إغناء الهوية الوطنية، شريطة أن تقوم على المشاركة والاحترام المتبادل.
كما أشار إلى الدور المحوري الذي تلعبه السلطة السياسية في تشكيل الهوية، من خلال السياسات التعليمية والإعلامية والثقافية وإدارة التنوع. وأكد أن الهوية الوطنية الجامعة هي أداة لتحقيق السلم الأهلي، وهي مسألة تفرضها السلطة وتعززها لبناء تماسك مجتمعي.
اختتم الدكتور الزعبي محاضرته بالتأكيد على أن بناء هوية وطنية جامعة هو جزء أساسي من الحل السياسي في سوريا، وأن غيابها يعني استمرار التفتت والانقسام. ودعا إلى تبني رؤية وطنية جديدة تقوم على الاعتراف بالتعددية، وترسيخ مفهوم المواطنة المتساوية، وتحويل الهوية الوطنية إلى إطار عملي للتعايش وإعادة بناء الدولة والمجتمع.
(أخبار سوريا الوطن1-الحرية)