الأحد, 9 نوفمبر 2025 10:21 PM

تحول تاريخي: هل تصبح سوريا شريكًا في حل أزمات المنطقة بعد زيارة الشرع إلى واشنطن؟

تحول تاريخي: هل تصبح سوريا شريكًا في حل أزمات المنطقة بعد زيارة الشرع إلى واشنطن؟

يصف مراقبون زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن بأنها تاريخية، مشيرين إلى أنها تمثل تحولاً لسوريا من طرف متأثر بالأزمات الإقليمية إلى "شريك أساسي في صناعة الحلول" في المنطقة، وذلك من خلال السعي إلى عقد "شراكة استراتيجية مع واشنطن".

تؤكد الحكومة السورية أنها تسعى في علاقاتها الدولية إلى تحقيق المصالح المتبادلة مع جميع الدول، على أساس الاحترام الكامل لسيادة سوريا، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والتنمية. وقد سعت دمشق لإعادة بناء العلاقات على هذه الأسس مع روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وصل الشرع إلى الولايات المتحدة يوم السبت في زيارة رسمية، بعد يوم من إزالة واشنطن اسمه من قوائم الإرهاب. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتشير تقارير إلى توقعات بتوقيع اتفاقية لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.

وحول إمكانية تحول سوريا إلى شريك أساسي في حل الأزمات الإقليمية بدلاً من التبعية، قال المحلل السياسي السوري حسام نجار لحلب اليوم إن "زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن تحديداً أخذت صدى واسعاً على كافة الأصعدة، فالبعض كان سعيداً بها وآخرون مستغربون ومصدومون منها. هذا التحول الكبير في الموقف الأمريكي من الدولة السورية بشكل عام ومن الرئيس الشرع بشكل خاص يحمل في طياته خططاً جديدة وآفاقاً متنوعة على صعيد المنطقة برمتها".

وتساءل نجار عن عراب هذه التسويات، مؤكداً أن السؤال الأكثر أهمية هو: هل سوريا قادرة على أن تكون فاعلة في حلول شرق أوسطية طالما استعصت على العديد من الدول؟ وأضاف أن الموقع الجيوسياسي لسوريا يجعلها مؤهلة لتكون العمود الفقري في أي تحركات مصيرية في المنطقة، خاصة إذا كان هناك توافق على دورها الاستراتيجي، بالإضافة إلى وجود قيادة حكيمة تستطيع تغليب مصالح الشعب على باقي المصالح دون الإضرار بها.

أجرى الرئيس السوري أول زيارة له إلى الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لكن زيارته إلى واشنطن هي الأولى لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، وسط توقعات بالانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

يأتي ذلك بالتزامن مع شن حملة عمليات استباقية على مستوى سوريا ضد خلايا تنظيم الدولة. وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا قد أعلن يوم السبت تنفيذ 61 مداهمة وإلقاء القبض على 71 فرداً ومصادرة متفجرات وأسلحة في كل من حلب وإدلب وحماة وحمص ودير الزور والبادية، وأيضا الرقة ودمشق وريفها.

ونقلت وكالة رويترز في وقت سابق عن "ستة مصادر مطلعة" أن واشنطن تستعد لنشر قوات في قاعدة جوية في دمشق للمساعدة في إتاحة تنفيذ اتفاق أمني تتوسط فيه الولايات المتحدة بين سوريا وإسرائيل.

وأشار إلى أن بناء الشراكات بين الدول يعتمد على التعاون المستمر وفق المصالح لكل منهما، والندية في الشراكة ضرورة وليست شراكة التبعية، وتنبع من احترام متبادل وفق سيادة كل دولة وعدم طغيان أحدهما على الآخر، فهذا يفتح طرقاً وآفاقاً واسعة في كل المجالات وخاصة الاقتصادية التي هي عصب المجتمعات وقوتها.

وقال وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني خلال لقائه مع ممثلي المنظمات السورية في العاصمة الأمريكية واشنطن إن عام 2026 سيكون عام التنمية لسوريا، لافتاً إلى أن الحكومة ستربط عمل المنظمات السورية في واشنطن بعملية إعادة بناء سوريا وأن الوزارة تعمل بشكل مستمر وجبار، وبطريقة مختلفة عن عمل وزارة خارجية أي دولة أخرى.

وجاءت تصريحات الوزير الشيباني خلال لقاء جمعه مع الشرع وعدد من ممثلي المنظمات السورية في العاصمة واشنطن، لبحث القضايا المتعلقة بالجالية السورية ونشاطها في الولايات المتحدة.

من جانبه أشار الشرع إلى أن الفرصة المتاحة أمام السوريين اليوم هي فرصة نادرة ينبغي استثمارها، مؤكداً أن العقوبات المفروضة على سوريا في مراحلها الأخيرة، ودعا إلى مواصلة العمل حتى رفعها بالكامل.

وأشار نجار إلى أن سوريا "حاولت في فترة ماضية دخول التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة بدعم من السعودية والأردن وتم رفض الطلبات عدة مرات، وكان الهدف منه التأكيد على دور سوريا في محاربة التنظيم خاصة والإرهاب عامة، وقطع الطريق على تنظيم قسد وادعاءاته المستمرة أنه حجر الزاوية في محاربة داعش، وأن العالم كله وفي مقدمته أمريكا تعتمد عليه في هذا، لذلك عمدت الدولة السورية من خلال المعلومات الاستخباراتية بالبدء بعملية البحث والملاحقة قبل تحديد موعد الزيارة".

وأضاف أن "هيئة تحرير الشام عندما كانت في إدلب سبق أن تعاونت مع التحالف في ملاحقة قادة التنظيم، لذلك فالعمليات الجديدة التي تمت هي تأكيد للجميع بما فيها التحالف وأمريكا على قدرة الدولة السورية في السير بهذه الخطوات، يضاف له أنها قادرة على أن تكون فاعلاً ومحركاً أساسياً من خلال معرفة الأرض والتضاريس وطرق الاختباء لعناصر التنظيم، فالدولة السورية تهيأ الجو قبل اللقاء المرتقب".

ومن المرتقب أن يلتقي الشرع بترامب في العاشر من الشهر الجاري، الموافق ليوم غد الاثنين، في البيت الأبيض.

مشاركة المقال: