القامشلي – نورث برس
أثارت زيارة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى نظيره الأميركي، دونالد ترامب، جدلاً واسعاً. فبينما اعتبرها البعض بداية لمرحلة جديدة تخرج فيها سوريا من عزلتها الدولية وتعود كشريك موثوق، رأى آخرون أنها مجرد لقاء مشروط لا يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية الرسمية.
التقى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في البيت الأبيض، في أول زيارة لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة. وعقب الاجتماع، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون “قيصر”.
سوريا: شريك موثوق أم وعود معلقة؟
يقول بسام السليمان، المحلل السياسي السوري، لنورث برس، إن أهمية اللقاء تكمن في أن سوريا أصبحت، رسمياً، شريكاً موثوقاً للمجتمع الدولي. ويضيف السليمان، المقيم في دمشق، أن زيارة الرئيس السوري الشرع تحمل أهمية كبيرة بعد أن حوّل نظام الأسد البلاد إلى تحدٍ دولي على صعيد الأمن والمخدرات والإرهاب.
في المقابل، يرى وليد جولي، الباحث في مركز “الفرات” للدراسات، أن النظر إلى هذه الزيارة على أنها لقاء بين رئيسين لدولتين أمر خاطئ، مؤكداً أن واشنطن ما تزال تتعامل مع دمشق كطرف ضمن مشهد سوري منقسم، وأن العلاقة لم تصل بعد إلى مستوى سياسي رسمي.
ويؤكد السليمان أن الرئيس السوري يُنظر إليه اليوم كرجل سلام ورهان مهم على الأمن والاستقرار والتنمية الإقليمية، ليس فقط في سوريا بل في المنطقة بأسرها.
خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن...
يشير السليمان إلى أن تجديد العمل بالإعفاء من قانون قيصر يمثل أهمية أخرى لزيارة الرئيس السوري إلى واشنطن، ويعتبر مؤشراً على أن سوريا تسير في الاتجاه الصحيح، بالإضافة إلى إعادة العمل بالسفارة الأميركية.
لكن جولي يرى أن ما جرى بخصوص قانون “قيصر” لا يتعدى كونه تعليقاً مؤقتاً من الكونغرس، بينما لم تُلغَ العقوبات من قبل وزارة الخزانة الأميركية، ما يعني تمديد التعليق الأول لمدة ستة أشهر أخرى فقط. ويضيف أن ما تم الترويج له حول انضمام دمشق إلى التحالف الدولي ضد “داعش” لم يُعلن عنه رسمياً من أي من الجانبين، مما يعزز الانطباع بأن الزيارة لم تحمل بعدُ بُعداً تنفيذياً واضحاً.
ويرى السليمان أن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” سيكون له انعكاسات كبيرة، واصفاً زيارة الرئيس السوري بأنها رائدة ومفصلية. ويلفت إلى أن ترجمة نتائج هذه الزيارة على الأرض تحتاج إلى وقت، فالأمور في سوريا لا تحصل بين يوم وليلة، إذ إن البلاد عبارة عن جبل من الركام الذي خلفه نظام الأسد، وتحتاج إلى عمل كبير لتحقيق نتائج توازي توقعات الشعب السوري.
لقاء تجريبي أم بداية تحول؟
يقول جولي إن ما حدث من حيث البروتوكول لم يكن على مستوى رؤساء الدول، بل بدا أشبه بلقاء تجريبي أو مشروط، خصوصاً في ضوء القرار الصادر عن مجلس الأمن بموجب البند السابع، القاضي برفع اسم الشرع وأنس خطاب من قائمة العقوبات، شريطة أن تتخذ سوريا خطوات محددة تتعلق بمكافحة المقاتلين الأجانب، وضمان حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة سياسية شاملة تحت إشراف سوري.
ويشير إلى أن الزيارة قد تكون محاولة من جانب دمشق لتقديم تعهدات جديدة لواشنطن، بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من الشرعية الدولية. ويضيف جولي أن هناك التزامات داخلية تتعلق أساساً بتنفيذ اتفاق 10 آذار الذي أبدت واشنطن اهتماماً خاصاً به، إلى جانب تسويات داخلية مع الطوائف السورية، ولا سيما العلويين والدروز، بما يمهد لعملية انتقال سياسي مضبوطة ويحول دون عودة محتملة للنفوذ الإيراني إلى سوريا ولبنان.
إعداد وتحرير: عبدالسلام خوجة