محاولة اغتيال قادة «حماس» في قطر ستتضح تفاصيلها مع ظهور النتائج الدقيقة. ورغم الاعتراف بالفشل في تل أبيب لنجاة القادة، إلا أنهم يبحثون عن «مكاسب لسياسة الردع»، ويتمسكون بـ«نهج ميونيخ» الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية عام 1972. يشير «نهج ميونيخ» إلى ردة فعل إسرائيل على مقتل 11 رياضياً في أولمبياد ميونيخ، حيث تعقبت الأجهزة الإسرائيلية المشاركين في عملية «أيلول الأسود» الفلسطينية واغتالتهم. اليوم، وبعد أكثر من نصف قرن و63 ألف قتيل في غزة، تهدد إسرائيل بضربات مستقبلية رداً على «7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».
هل هو مجرد ثأر؟
ما دوافع هذه العملية؟ هل هي ثأر أم سياسة رسمية؟ النقاط التالية توضح المفاهيم الإسرائيلية وطريقة تفكير نتنياهو وقادة أجهزته الأمنية:
- أولاً: نتنياهو ووزراؤه والجيش و«الشاباك» وصفوها بالعملية الخارقة قبل ظهور النتائج، وعدّوها شبيهة باغتيال قادة «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، ووصفوها بـ«العملية النظيفة» التي تتم على بعد 1800 كيلومتر بمشاركة 15 طائرة مقاتلة، مع استخدام قنابل دقيقة.
بعد إعلان «حماس» عن فشل العملية، بدأ الحديث في إسرائيل عن «ضرورة انتظار نتائج فحص الحامض النووي لتحديد هوية القتلى»، ثم ظهرت نغمة خيبة الأمل. القادة العسكريون اعتبروا الفشل «خللاً تكتيكياً» مع وجود مكاسب استراتيجية. ونقل رون بن يشاي عن مسؤولين عسكريين أن الضربة تمثل «ردعاً قوياً لقادة حماس».
- ثانياً: قرار اغتيال جميع قادة «حماس» صدر في 8 أكتوبر 2023، ووصفه رونين بار، قائد «الشاباك» السابق، بأنه «عملية ميونيخ في عصرنا»، مثل قرار غولدا مائير بالقضاء على قادة «أيلول الأسود».
ليس صدفة أن نتنياهو قال ليلة الهجوم إنه «تم استهداف قادة حماس في المكان نفسه الذي احتفلوا فيه بهجوم 7 أكتوبر»، رغم أن ذلك خطأ معلوماتي؛ إذ إن من احتفلوا بسجدة الشكر الشهيرة من قادة «حماس» كانوا في تركيا وليس قطر.
قائمة متتابعة
تم تكليف «الشاباك» بالمهمة وبدأ الإعداد لها باغتيال صالح العاروري ثم إسماعيل هنية ثم يحيى السنوار ومحمد الضيف ومحمد السنوار وغيرهم. وهدد رئيس الأركان زامير بالوصول إلى قادة «حماس» في الخارج، بعد أن أبلغه «الشاباك» بجاهزية الخطة. وعندما أبلغ «الشاباك» الحكومة باجتماع قادة «حماس» في الدوحة، طلب نتنياهو التنفيذ الفوري، لكن قادة الأجهزة الأمنية أبدوا تحفظاً.
عارض العملية نتسان ألون، ممثل الجيش في فريق المفاوضات، خوفاً من تأثيرها على الرهائن، وتم تأجيل التنفيذ.
اقتربوا من الموافقة… فقرروا قصفهم
في صباح الثلاثاء، أبلغ القائم بأعمال رئيس «الشاباك» نتنياهو بمعلومة عن اجتماع ثان لقادة «حماس» للتداول في الرد على المشروع الأميركي. وذكر الإعلام العبري أن «حماس» تتجه لقبول المشروع مع تحفظات، وتحتاج لعدة أيام للوصول إلى جميع الرهائن والجثث. فقرر نتنياهو دعوة قادة أجهزة الأمن ووزير الأمن كاتس، وأصر على تنفيذ العملية رغم تحفظ قادة الجيش والموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية ومجلس الأمن القومي. وتوجه نتنياهو إلى المحكمة في تل أبيب، وطلب إعفاءه من حضور الجلسة؛ بسبب حدث أمني طارئ، وتوجه إلى مقر «الشاباك»، وانطلقت طائراته للتنفيذ.
- ثالثاً: ضربة قطر تستهدف عدة عصافير بحجر واحد، منها تثبيت مكانة إسرائيل كقوة باطشة في الشرق الأوسط.
- رابعاً: الإسرائيليون روجوا لتأييد الولايات المتحدة ثم تراجعوا واتهموا. اضطر نتنياهو لإصدار بيان يدعي أن القصف في الدوحة كان عملية إسرائيلية خالصة بطلب من البيت الأبيض.
نتنياهو، الذي لا يتحمل مسؤولية الفشل، حمل الرئيس دونالد ترمب عبء الفشل، زاعماً أن ترمب أبلغ قطر بالضربة، فأخبرت قادة «حماس» الذين غادروا مكان الاجتماع.
- خامساً: هناك فاتورة مستحقة، حيث يخشى نتنياهو من مطالبة ترمب بتقديم تنازلات لإثبات عدم تأييده للمساس بعاصمة عربية مثل قطر، والعودة إلى طاولة المفاوضات.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الشرق الاوسط