الثلاثاء, 4 نوفمبر 2025 12:57 AM

في نادي لينا للكتاب: قراءة في رمزية العلاقات الزوجية في رواية "أربطة" لدومينيكو ستارنونه

في نادي لينا للكتاب: قراءة في رمزية العلاقات الزوجية في رواية "أربطة" لدومينيكو ستارنونه

استضاف نادي لينا للكتاب، بإدارة لينا بيتموني، أمسية أدبية حافلة بالنقاش والتأمل، تمحورت حول رواية "أربطة" للكاتب الإيطالي دومينيكو ستارنونه. افتتحت بيتموني الجلسة بمداخلة معمقة تناولت رمزية الغلاف والفكرة الأساسية للرواية.

من هو دومينيكو ستارنونه؟

دومينيكو ستارنونه هو روائي وكاتب سيناريو وصحفي إيطالي، ولد في عام 1943 في مدينة سافيانو بالقرب من نابولي. عمل في العديد من الصحف والمجلات الساخرة، وكتب سيناريوهات لأفلام شهيرة مثل La scuola وThe Ties. حازت روايته "البيت على فيا جيميتو" على جائزة ستريغا، وهي أرقى الجوائز الأدبية في إيطاليا. كما اختيرت رواية "أربطة" ضمن أفضل كتب عام 2017 من قبل نيويورك تايمز وساندي تايمز.

أشارت بيتموني في مداخلتها إلى أن رواية "أربطة" تتناول موضوع العلاقات الزوجية، وكيف يمكن للروابط التي تجمع الزوجين أن تتحول من مصدر استقرار إلى قيد يمنع كل طرف من المضي قدمًا بحرية. وأوضحت أن الغلاف يعبر عن هذه الفكرة بطريقة رمزية مؤثرة، حيث يظهر زوج من الأحذية مربوط بأربطة غير متناسقة، مما يجعل السير بثبات أمرًا مستحيلًا. هذا التفاوت في الربط يعكس اختلال التوازن في العلاقة، ويطرح سؤالًا جوهريًا: هل الحب يعني التقييد أم الحرية؟

العلاقة بين ألدو وفاندا

تدور الرواية حول زوجين، ألدو وفاندا، يعيشان علاقة مضطربة منذ البداية، لأن "الأربطة" التي جمعت بينهما كانت مشدودة بطريقة خاطئة. ألدو رجل صامت، نشأ في منزل يسوده العنف والخوف، مما جعله يكبت مشاعره ويخشى التعبير عنها. وعندما تزوج فاندا، استمر في الصمت ذاته، وتركها تفرض سيطرتها على كل تفاصيل حياتهما. أما فاندا فهي امرأة متوترة، مهووسة بالنظام والاحتفاظ بكل شيء، ولا تعرف التخلي. تتعلق بأبنائها بشكل مبالغ فيه، وتريد أن يكون كل شيء كما تشاء. وهكذا، غابت الحوار والمشاركة عن حياتهما، لتحل مكانها العادة والجمود.

الخيانة والانهيار

في ظل هذا الجمود، يجد ألدو نفسه منجذبًا إلى امرأة أخرى أصغر سنًا وأكثر مرونة وحيوية، تشعره بأنه ما زال حيًا. يشعر معها بالحرية التي افتقدها طويلاً، فيقرر ترك زوجته فاندا. لكن فاندا لا تتقبل الخيانة، وتعيش صراعًا نفسيًّا عميقًا يصل إلى حد الاكتئاب. تحاول استعادة زوجها من خلال أبنائهما، فتستخدمهم كوسيلة ضغط، مما يفسد علاقتهم جميعًا ويترك أثرًا عميقًا في نفوس الأولاد.

الجيل الجديد ومرآة الماضي

في نهاية الرواية، يعود الأبوان من رحلة ليجدا أن الأبناء قد خربوا البيت الذي كانت الأم تحافظ على نظامه بدقة مفرطة. كأنّ الأولاد ينتقمون من الماضي ومن القسوة التي عاشوها داخل جدران ذاك البيت المرتب أكثر من اللازم. وبينما يكتشفان صورة قديمة لحبيبة الأب "ليديا"، ورمزية القطة التي سماها باسم غريب يعكس مشاعره المكبوتة، يبدأ الأبناء بالحديث بصراحة للمرة الأولى. يتحاوران، يتشاركان ذكرياتهما، ويدركان أن الحوار الذي غاب بين والديهما كان يمكن أن ينقذ الكثير.

ملاحظات

شهدت الجلسة تفاعلًا لافتًا عبر مداخلات متنوعة حول الشخصيات والصراع الداخلي في الرواية. أشارت إحدى الحاضرات إلى أن شخصية "ألدو" تمثل نموذجًا للرجل الذي يحمل إرثًا من العنف والصمت، ويعيد إنتاجه في حياته الزوجية دون وعي. بينما رأت أخرى أن "فاندا" تجسد المرأة التي تخلط بين الحب والسيطرة، وتخشى فقدان النظام أكثر من فقدان العلاقة نفسها. كما تمت مناقشة أثر الخيانة في الرواية، معتبرة أن ألدو لم يخن فقط زوجته، بل خان صمته الطويل، وخرج منه بطريقة مؤذية للجميع. وركزت مداخلة أخرى على الأبناء، ورأت أن الرواية تنجح في تصوير كيف تنتقل آثار العلاقة المختلة إلى الجيل الجديد، الذي يعيش في بيت مرتب أكثر من اللازم، لكنه يفتقد الدفء والحوار.

الحب يُصان بالحوار

في ختام الجلسة، اتفقت الحاضرات على أن رواية "أربطة" ليست مجرد قصة عن زوجين، بل مرآة للعلاقات الإنسانية التي تختنق حين يغيب الحوار، وتنهار حين تتحول الروابط إلى قيود. إنها دعوة لإعادة التفكير بمعنى الحب، كمساحة مشتركة تُمنح فيها الحرية والاحترام. فالحب الحقيقي يُرافق بخفة، ويُصان بالحوار.

من الجدير ذكره أن نادي لينا للكتاب مساحة ثقافية حرة تجمع بين القراء والمهتمين بالأدب بهدف خلق حوار عميق حول النصوص الأدبية وتبادل وجهات النظر في بيئة داعمة ومحفزة. ويحرص النادي الموجود في دمشق على اختيار أعمال روائية تحمل قضايا إنسانية وفكرية، ويستضيف جلسات دورية تدار بأسلوب يدمج بين التحليل الأدبي والتفاعل الوجداني . اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: