الثلاثاء, 4 نوفمبر 2025 01:19 AM

اكتشف "باب شرقي": بوابة دمشق الأثرية المستقبلة للشمس وتاريخها العريق

اكتشف "باب شرقي": بوابة دمشق الأثرية المستقبلة للشمس وتاريخها العريق

يعتبر "باب شرقي" أول أبواب دمشق استقبالاً للشمس، حيث ربط اليونانيون القدماء كل باب من أبواب دمشق السبعة بكوكب من كواكب السماء، وزينوا هذه الأبواب بصور الكواكب المنقوشة من الحجر. وقد خصص "الباب الشرقي" للشمس، لرؤيتها تشرق عليه قبل غيره من الأبواب.

وفقاً لابن عساكر في كتابه "تاريخ دمشق" والباحث قتيبة الشهابي، رُسم فوق قوس تاج الباب الحجري نقش نافر يمثل صورة لقرص الشمس تنبعث منه أشعة النور، وهو رمز مرتبط بالإله الإغريقي "هيليوس" راكباً على عربة تجرها أربعة خيول وحول رأسه هالة مستديرة. إلا أن عمليات الترميم أخفت معالم هذا النقش.

في زمن السلجوقيين والرومان، كان يطلق على الباب "باب الشمس"، حيث يمثل الشمس في الإغريقية "هليوس"، الإله الأكبر عند اليونان، والذي يقابله عند الرومان إله الشمس "سول".

تذكر المصادر التاريخية أن قادة الرومان أدركوا الأهمية الاستراتيجية لدمشق، فبنوا سوراً حجرياً يحيط بها لحمايتها والسيطرة على سكانها، وطوق هذا السور أرضاً تبلغ مساحتها هكتاراً ونصف الهكتار تقريباً، وهي ما تعرف اليوم بدمشق القديمة. وأنشأ الرومان أبواباً ترمز لأعياد الهيكل السبعة الرومانية، وكانت هذه الأبواب المداخل الوحيدة للمدينة.

بُني الباب الشرقي في عهد الإمبراطور الروماني سبتيموس سيفيروس وابنه كركلا خلال القرنين الثاني والثالث الميلاديين، حيث أصبحت لدمشق مقومات المدينة، وانتشرت فيها التجمعات الحضرية والقبلية والأحياء العربية والآرامية والرومانية والنبطية.

اهتم الإمبراطوران الرومانيان بالعمارة والعمران، واستجلبا أمهر البنائين والحرفيين لتشييد أبواب دمشق السبعة وتزيينها، وكان باب شرقي ثمرة هذا المشروع، كما يروي خريستوف تيكسيدور في مؤلفه "الحياة الدينية في سوريا قبل الإسلام".

حافظ الباب على عمرانه وهندسته الرومانية، حيث يتألف من ثلاثة أروقة مسقوفة تقابلها ثلاثة أبواب، واحد كبير في الوسط واثنان جانبيان أصغر حجماً، وتحملها أعمدة كورنثية الطراز. كان المدخل الكبير مخصصاً للقوافل، أما المدخلان الجانبيان فكانا لعبور المارة. وينفتح الباب على الشارع المستقيم الذي بناه الرومان في القرن الأول قبل الميلاد، والذي يمتد من باب الجابية غرباً إلى باب شرقي شرقاً بطول 1500 متر.

شهد باب شرقي عمليات ترميم في عهد الدولة الزنكية، وخاصة في عهد نور الدين الزنكي، الذي اهتم بأبواب دمشق لأغراض حربية واقتصادية. فجعل لكل باب مسجداً صغيراً وأقام فوقه منارة للمراقبة، وأنشأ إلى جانب كل باب طريقاً متعرجاً يتصل بالباب من خارجه وله بوابة ضخمة متينة سُميَ بـ"الباشورة" لتسهيل حاجات الناس وتسيير شؤون التجار والمشترين.

رمم نور الدين الزنكي "الباب الشرقي" مع بقية أبواب دمشق وسورها وبنى عليه مئذنة ومسجداً صغيراً وأقام أمامه باشورة. ويعتقد أنه سدَّ الفتحتين الوسطى والجنوبية لأسباب دفاعية، كما رممه الأيوبيون من بعده، وجددت مئذنته في العهد العثماني.

مشاركة المقال: