السبت, 8 نوفمبر 2025 01:12 AM

كارثة خدماتية في اللجاة بدرعا: سكان يئنون تحت وطأة الإهمال

كارثة خدماتية في اللجاة بدرعا: سكان يئنون تحت وطأة الإهمال

تعيش منطقة اللجاة، الواقعة شرقي مدينة درعا، أوضاعًا معيشية قاسية تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يصفها السكان بـ "الغياب الكامل" للدولة، والتدهور الشامل في الخدمات الأساسية. تشمل هذه الخدمات المياه والكهرباء والمدارس والنقاط الطبية، مما يجعل المنطقة مثالًا صارخًا على التهميش المزمن.

أفاد مراسل موقع "سوريا 24" خلال جولة ميدانية في عدد من قرى اللجاة، بأن العديد من القرى تعاني من انعدام شبه كامل في الخدمات الأساسية. فالمنطقة تعاني من انقطاع المياه والكهرباء منذ أشهر، في حين تعاني المدارس من دمار جزئي أو كلي، مع غياب أي تدخل حقيقي من الجهات الرسمية.

وأشار مراسلنا إلى أن الأهالي يواجهون صعوبات بالغة في تأمين احتياجاتهم اليومية، حيث يضطرون لشراء مياه الشرب بأسعار باهظة، واستخدام طرق ترابية متهالكة تعيق حركة التنقل وتزيد من عزلتهم عن مراكز المدن والخدمات.

رصدت "سوريا 24" خلال هذا التقرير شكاوى متكررة من السكان المحليين بشأن تراجع التعليم، وغياب المرافق الصحية، وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق. العديد من القرى، مثل مسيكة الشرقية، الدلافة، مزرعة الشيخ، وجدَل، لم تعد تضم مدارس مؤهلة أو مراكز طبية فعالة، بينما يعاني القطاع الزراعي من شلل شبه كامل نتيجة غياب مياه الري وارتفاع كلفة شراء المياه المنقولة بالصهاريج. ومع تراجع فرص العمل، باتت الهجرة خيارًا قسريًا لمئات العائلات التي فقدت مقومات البقاء.

أشار الناشط الإعلامي حمزة فهيد في حديث لموقع "سوريا 24" إلى أن منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي تعاني انهيارًا كاملًا في البنية الخدمية. وأوضح أن شبكة الكهرباء مدمّرة بالكامل وتحتاج إلى صيانة شاملة، بينما يضطر الأهالي لشراء المياه بأسعار قد تصل إلى 150 ألف ليرة أسبوعيًا، وهي لا تكفي سوى لبضعة أيام. وأضاف في ختام حديثه أن الواقع الصحي أكثر سوءًا، حيث لا يوجد أي مركز صحي مجهز في المنطقة، باستثناء نقطة طبية وحيدة غير معتمدة رسميًا، وتفتقر إلى الكادر والمستلزمات.

أما قاسم نشوان (أبو بلال)، أحد سكان قرية الشنان، فقد أوضح لمراسل "سوريا 24" أن قرى كاملة في الغطاء الشرقي أصبحت خارج الخدمة تمامًا. وأكد أن المياه مقطوعة منذ أشهر، وأن السكان يعتمدون على صهاريج مكلفة، فيما لا وجود للكهرباء على الإطلاق. وأضاف أن المدارس مدمّرة، والطلاب بلا مقاعد أو كتب، في ظل غياب كامل للمعلمين. كما نوه إلى أن كثيرًا من الأهالي تركوا المنطقة، بسبب هذه الظروف القاسية وانعدام أي أفق لتحسن قريب.

وفي توصيفه لواقع الحال، تحدث سمير خلف، رئيس بلدية جدل، التي تُعد من القرى الأكثر تضررًا، لموقع "سوريا 24"، مؤكدًا أن الغطاء الشرقي بأكمله يعيش في حالة "انهيار تام". وقال إن النقطة الطبية الوحيدة تخدم عشرات القرى، بينها قرى تتبع إداريًا لمحافظة السويداء، لكنها لا تزال غير معتمدة من وزارة الصحة، رغم الجهود المبذولة بالتنسيق مع مدير منطقة إزرع. وأضاف أن الأهالي يعانون من الجوع والعطش، والزراعة توقفت، والمواشي تنفق بسبب غياب المياه، مؤكدًا أن المنطقة بحاجة إلى تدخل سريع عبر مشاريع صغيرة تعيد الحد الأدنى من الحياة.

في ضوء هذا الواقع المتدهور، يطالب الأهالي بعدة إجراءات فورية، في مقدمتها اعتماد النقطة الطبية رسميًا وتزويدها بالكادر والمستلزمات، وترميم المدارس المدمّرة وإعادة تشغيلها، وتنفيذ مشاريع مياه شرب دائمة تخفف من الاعتماد على الصهاريج، وإعادة تأهيل شبكات الكهرباء والاتصالات. كما يطالب السكان بإطلاق مشاريع اقتصادية صغيرة ومتوسطة تعيد تفعيل الحياة في القرى، وتوفر فرص عمل بعد سنوات من الشلل التام.

وسط هذه الظروف، يبرز الغطاء الشرقي لدرعا كنموذج حي لأزمة مركبة تجمع بين الإهمال والتهميش والانهيار الخدمي، ما يتطلب تحركًا عاجلًا من الجهات الرسمية والمنظمات الفاعلة قبل أن تتفاقم الأوضاع إلى مستويات يصعب احتواؤها لاحقًا.

يشار إلى أن اللجاة هضبة بازلتية وعرة تقع على بعد نحو 50 كيلومترًا شمال شرق درعا، وتضم أكثر من 55 قرية وتجمعًا سكانيًا.

مشاركة المقال: