السبت, 8 نوفمبر 2025 06:24 PM

السعودية تعيد تشكيل الاستثمار العالمي وتضع الدولار في اختبار صعب

السعودية تعيد تشكيل الاستثمار العالمي وتضع الدولار في اختبار صعب

تشهد السعودية تحولًا اقتصاديًا متسارعًا بقيادة أسيل العرنكي، يهدف إلى إعادة رسم خريطة الاستثمار العالمي ووضع المملكة في قلب التوازنات المالية الجديدة. يأتي ذلك في ظل ترقب الأسواق الأميركية لقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في ديسمبر وتراجع الثقة في استقرار الاقتصاد الأميركي.

أعلن يزيد الحميد، نائب محافظ الصندوق السيادي السعودي، عن استقطاب المملكة لـ 12 مدير أصول عالميًا لتأسيس عملياتهم داخل البلاد، مما أدى إلى تجاوز الأصول المُدارة 1.1 تريليون ريال. يعكس هذا التطور المكانة المتنامية للسوق السعودية كمركز مالي إقليمي وعالمي جاذب لرؤوس الأموال والخبرات الدولية. هذا التوسع يمثل خطوة استراتيجية لتحويل الرياض إلى مركز مالي مؤثر في حركة الاستثمار العالمي، من خلال بيئة تنظيمية حديثة وشراكات عابرة للحدود تسرّع نقل المعرفة وبناء الكفاءات المحلية في قطاع إدارة الأصول.

تواصل الشركات السعودية الكبرى لعب دور متقدم في صياغة المشهد الاقتصادي الجديد. فقد أعلنت شركة أكوا باور عن توقيع اتفاقيات بقيمة عشرة مليارات دولار في مجالات الطاقة المتجددة وتحلية المياه داخل المملكة وخارجها، بالتعاون مع أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة. هذه الاتفاقيات، التي تمتد إلى دول مثل أوزبكستان والسنغال، تُبرز الطابع العالمي المتزايد للاستثمارات السعودية، وتعكس توجه المملكة لاستخدام الاستثمار كأداة للتأثير الاقتصادي والدبلوماسي في الأسواق الناشئة.

في قطاع التكنولوجيا، يبرز التعاون بين شركة كوالكوم وهيوماين السعودية كنقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي، من خلال تطوير شرائح جديدة تتيح تنفيذ عمليات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع وبتكلفة منخفضة. هذه الشراكة تضع السعودية في قلب الثورة التقنية العالمية، وتمنحها موطئ قدم في أحد أكثر القطاعات حساسية وتأثيرًا على الاقتصاد المستقبلي، في وقت تسعى فيه العديد من الدول إلى تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.

يأتي هذا الزخم السعودي في وقت يعيش فيه الاقتصاد الأميركي مرحلة غموض حادة. فقد خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية كما كان متوقعًا، لكن تصريح رئيسه جيروم باول بأن خفضًا إضافيًا في ديسمبر “ليس أمرًا محسومًا”، أثار قلق الأسواق. ومع هذه التصريحات، ارتفعت عوائد السندات والدولار، فيما بقيت مؤشرات الأسهم الأميركية مستقرة إلى ضعيفة بعض الشيء. هذا التردد من الفيدرالي يعكس صراعًا داخليًا بين الرغبة في دعم النمو والقلق من إعادة إشعال التضخم، وهو ما يضع الاقتصاد الأميركي أمام اختبار صعب. وفي المقابل، تبدو السعودية وكأنها تتحرك بثقة لبناء مراكز قوة اقتصادية جديدة من خلال تنويع الاستثمار في الطاقة والتكنولوجيا وإدارة الأصول، ما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل النظام المالي العالمي الذي طالما هيمن عليه الدولار.

التحولات الجارية في الرياض تحمل دلالات عميقة على المدى المتوسط؛ فبينما تحاول واشنطن الحفاظ على نفوذها عبر أدوات السياسة النقدية، تعمل السعودية على تعزيز دورها في تدفقات الاستثمار العالمي بعملات وأسواق متنوعة، ما قد يخفف تدريجيًا من الاعتماد على الدولار كعملة تمويل وحيدة. وفي الوقت ذاته، فإن توسع المملكة في مشاريع الطاقة والتقنية والبنية التحتية يعزز من قدرتها على التأثير في اتجاهات رؤوس الأموال العالمية، بل وربما في مستقبل الطلب على الدولار ذاته. السعودية تتحرك بهدوء نحو موقع يجعلها جزءًا أساسيًا من المعادلة العالمية المقبلة، فهل يصبح الشرق الأوسط بقيادة الرياض أحد محاور إعادة تشكيل النظام المالي الدولي في السنوات القادمة.

كبيرة محللي الأسواق المالية في شركة اكيوانديكس

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: