الأحد, 9 نوفمبر 2025 01:14 AM

أزمة معيشية وأمنية خانقة في دير الزور: المازوت والأسعار الملتهبة يفاقمان معاناة السكان

أزمة معيشية وأمنية خانقة في دير الزور: المازوت والأسعار الملتهبة يفاقمان معاناة السكان

تتزايد حدة المطالب اليومية في دير الزور، حيث يسعى السكان جاهدين لتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة الأساسية، وعلى رأسها: توفير مادة المازوت الضرورية للتدفئة، الحصول على الأدوية اللازمة للعلاج، والشعور بالاستقرار الأمني المفقود. وعلى الرغم من التوافر النسبي للمواد الاستهلاكية في الأسواق، إلا أن انعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين، وغياب آليات التوزيع العادلة، وتدهور الثقة في الأجهزة الرقابية، عوامل تجعل الاحتياجات الأساسية تتصدر قائمة أولويات السكان.

المازوت: هاجس يومي مع قدوم الشتاء

أوضح ماهر الفيصل، أحد سكان دير الزور، في حديث لمنصة سوريا 24، أن الحصول على المازوت يواجه صعوبات جمة، حيث يقتصر الأمر على الاختيار بين السعر الرسمي غير المتوفر، والمازوت المهرب المتوفر ولكن بأسعار باهظة وغير مضمونة. وأشار إلى أن المازوت يُباع في دير الزور بفئتين: رسمية وغير رسمية.

وأضاف أن السعر الذي تحدده شركة “سادكوب للمحروقات” يبلغ 12,500 ليرة سورية للتر الواحد، أي ما يعادل 1.25 مليون ليرة لـ 100 ليتر. وأكد أن هذا السعر لا يعكس الواقع، إذ لا توجد آلية توزيع فعالة تمكن المواطنين من الحصول على المادة عبر القنوات الرسمية.

في المقابل، يُباع ما يعرف بـ “المازوت المكرر”، أي المهرب من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بسعر 700 ألف ليرة لنفس الكمية (100 ليتر)، أي بانخفاض نسبي يقارب 44% مقارنة بالسعر الرسمي، إلا أنه لا يزال بعيداً عن متناول شريحة كبيرة من السكان.

وأكد الفيصل أن “المنظمات الإنسانية والجمعيات لم تقم، منذ سنوات، بتوزيع أي كميات من المازوت أو وسائل التدفئة”، مما يجعل السوق الموازية المصدر الوحيد المتاح تقريباً.

المصروف الشهري لا يغطي الحد الأدنى من الاحتياجات

أشار الفيصل إلى أن متوسط المصروف الشهري الذي تحتاجه أسرة مكونة من أربعة أفراد لتغطية “الحد الأدنى من الكفاف”، أي دون أي مظاهر ترف، وباستثناء أي تكاليف طارئة (مثل العلاج أو الإصلاحات)، يتراوح بين 2.5 و 4 ملايين ليرة سورية.

وأوضح أن الارتفاع الطفيف في السيولة النقدية خلال الأيام الأولى من كل شهر، بالتزامن مع صرف الرواتب، يؤدي إلى حركة شرائية مؤقتة تشمل شراء المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية، إلا أن هذه الحركة لا تعكس استقراراً، بل تسبقها وتليها فترات من التقشف والاقتراض، وفقاً للمصدر نفسه.

الرقابة التموينية: غرامات بالدولار وغياب توحيد الأسعار

على الرغم من الحملات المكثفة التي قامت بها دوريات التموين في الأسابيع الأخيرة، إلا أن تأثيرها لا يزال محدوداً من حيث حماية المستهلك. وأشار مهنا الناصر، أحد سكان دير الزور، إلى أن “الرقابة ركزت على ضبط المخالفات وتحصيل الغرامات، التي فُرضت في كثير من الحالات بحسب سعر صرف الدولار، وليس بالليرة، في حين أن موضوع توحيد الأسعار بقي شكلياً”.

وأضاف، في حديث لمنصة سوريا 24، أنه على الرغم من توافر معظم المواد، إلا أنه لا توجد ضوابط حقيقية تمنع البائعين من تحديد الأسعار وفقاً لحسابات الربح والعرض والطلب اليومي. واعتبر أن “التقارب في الأسعار بين المحال ناتج عن المنافسة، وليس عن الالتزام بأسعار رسمية”.

الوضع الأمني يتصدر اهتمامات السكان

في مقابل التوافر النسبي للمواد، أصبح الأمن هو القضية الأهم في النقاش المجتمعي، حيث تتكرر في الأحاديث اليومية مصطلحات مثل “الفلتان الأمني” و “الفوضى” و “غياب الضابطة الأمنية الرادعة”.

ووفقاً لعدد من السكان، فإن حالات السرقة والسرقات الصغيرة في ازدياد، كما تتكرر الخلافات العشائرية التي لم يتم حلها، وسط ضعف الاستجابة المؤسسية لأي بلاغات. ويقول الأهالي، حسب مصادرنا، إن “الشعور السائد هو أنه لا توجد جهة تسيطر على الأمور بشكل واضح، لا في التنسيق الأمني، ولا في تحقيق العدالة، ولا في منع الابتزاز”.

مشاركة المقال: