الإثنين, 10 نوفمبر 2025 07:06 AM

السعودية وأمريكا في سوريا: تقارب وتضارب المصالح حول مستقبل السلطة

السعودية وأمريكا في سوريا: تقارب وتضارب المصالح حول مستقبل السلطة

شبكة أخبار سوريا والعالم/ تلعب الرياض دورًا محوريًا في التقارب السوري – الأميركي، وذلك منذ نجاح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جمع الرئيسين السوري والأميركي في الرياض في 14 أيار الماضي. يبدو واضحًا أن الرياض مصممة على استخدام نفوذها لتسويق حكومة الشرع دوليًا، وخاصة في أمريكا، انطلاقًا من إيمانها بأن استقرار سوريا يمثل نقطة ارتكاز لاستقرار الخليج العربي، بالإضافة إلى الدور المحوري الذي لعبته الساحة السورية في تحولات المنطقة على مرّ القرن الماضي، نظرًا لعوامل جغرافية وتاريخية.

لكن اللافت هو أن زيارة الرئيس الشرع الأخيرة للرياض شهدت بعض الفتور، بدءًا من اللقاء الهامشي بين الشرع وولي العهد السعودي، وصولًا إلى البيان الذي أعقب الزيارة، والذي خلا من الحديث عن الوعود الاقتصادية التي كثر الحديث عنها قبلها. هذه الأحداث قد تكون رسالة واضحة لدمشق، مفادها أن الدعم السعودي المستمر مشروط بمجموعة من المطالب التي تراها الرياض ضرورية لاستقرار الوضع السوري. فما هي هذه المطالب؟ وأين تتلاقى أو تختلف مع المطالب الأميركية؟

في واشنطن، يسود منطق واحد: ما الجدوى الاستراتيجية من الانفتاح على السلطات السورية الجديدة؟ وما هي الأثمان التي يجب على سوريا دفعها مقابل استمرار الدعم؟

من خلال البيانات والتصريحات الصادرة عن الرياض، بالتزامن مع التطورات في المسار السوري منذ سقوط نظام بشار الأسد، يمكن القول إن السعودية لديها مجموعة من الهواجس تجاه الوضع السوري ومآلاته:

  • أولًا: اعتماد السلطة الحالية على العصبية العشائرية كذراع يمكن الاعتماد عليها، وهو ما يهدد نموذج الدولة المركزية، ويؤدي إلى ولاءات مزدوجة تؤثر سلبًا على هذا النموذج.
  • ثانيًا: العلاقة المتنامية مع موسكو، والتي قد تؤدي إلى عودة سوريا إلى الفلك الروسي – التركي، وتثقل الدور التركي في هندسة الأمن السوري، مما يمنح أنقرة نفوذًا مستدامًا. هذا قد يخلق وضعًا مشابهًا لما حدث في شمال العراق منذ عام 2003، حيث ترسخ نفوذ تركي أخل بالتوازنات الإقليمية.
  • ثالثًا: الاندفاعة السورية نحو التطبيع مع تل أبيب. ترى الرياض أن التواصل بين دمشق والسعودية ضروري لتحقيق الاستقرار الداخلي، لكن يجب أن يكون التطبيع مشروطًا، وأن يأتي في سياق دعم المسار الفلسطيني، الذي سترسم حلوله التوازنات الإقليمية.

أخيرًا، ترى الرياض أن اقتصاد الكبتاغون، الذي كان سمة بارزة للاقتصاد السوري في عهد النظام السابق، ولا يزال يمثل تهديدًا داخليًا وإقليميًا، وأن معالجته كملف حدودي فقط لن تحقق النتائج المرجوة.

بالمقابل، ترى واشنطن، التي أشادت بالسلطات السورية مؤخرًا، أن أولوياتها تنحصر في ثلاث:

  • أولًا: توقيع اتفاق أمني سوري – «اسرائيلي» يضمن لـ«تل أبيب» ضبط الحدود وسلامة أمنها، ويمنع عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا، على أن تكون واشنطن ضامنة للاتفاق عبر نشر قواتها على طول خط التماس، وإنشاء قواعد متعددة المهام، بما في ذلك مراقبة تنفيذ الاتفاق.
  • ثانيًا: انضمام دمشق إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، مما يعني تفكيكًا ملموسًا لـ«هيئة تحرير الشام»، وهو تحد كبير للسلطات السورية الراهنة، وقد يهدد توازنات الشمال السوري.
  • ثالثًا: اندماج «قوات سوريا الديموقراطية – قسد» داخل مؤسسات الدولة، وهي إشكالية ذات بعدين: داخلي يتعلق بتركيبة السلطة وهيمنة النزعة العشائرية، وخارجي يتعلق بالتخوفات التركية حيال هذا الملف.

ختامًا، تتقاطع المظلتان السعودية والأميركية في العديد من الشروط لاستمرار دعمهما للسلطة السورية، لكنهما تتضاربان في بعضها الآخر، مما يضع السلطة أمام مفترق طرق لا مجال فيه للمزاوجة أو التوفيق بين المتناقضات. الخروج من هذا المأزق يتطلب الكثير من الشفافية، فما من أحد يعطي مجانًا، وحل مشكلة الدفع والقدرة عليه يكمن في ممارسة أقصى درجات هذه الأخيرة.

مشاركة المقال: