كشف تقرير لراديو NDR الألماني أن غالبية اللاجئين السوريين في ألمانيا يرون أن الظروف غير مهيأة للعودة إلى وطنهم، وذلك على الرغم من المطالبات السياسية المتزايدة بإعادة تقييم حق اللجوء. وأكد اللاجئون أن سوريا لا تزال تعاني من دمار واسع ونقص حاد في الخدمات الأساسية.
ونقلت الصحفية صوفيا شتريتسل عن الشاب قصي المهدي، البالغ من العمر 27 عاماً والذي فر من مدينة حمص قبل عشر سنوات ويعيش حالياً في كيل، تجربته بعد زيارة سوريا مؤخراً للمرة الأولى منذ لجوئه، حيث وصف الوضع بأنه مأساوي. وقال: "في الشارع الذي كنت أعيش فيه لم أتعرف على أحد، معظم البيوت مهدّمة وخالية، الهواء ملوث، لا كهرباء ولا ماء… كل شيء ازداد سوءاً."
وأضاف المهدي، الذي حصل على الجنسية الألمانية عام 2023، أن العودة إلى سوريا "ليست ممكنة حالياً"، وأن البلاد تحتاج إلى عامين أو ثلاثة على الأقل قبل أن تصبح آمنة وقادرة على استقبال أبنائها من جديد.
في المقابل، صرح المستشار الألماني فريدريش ميرتس (CDU) خلال زيارته إلى مدينة هوسوم قبل أيام قائلاً: "بعد انتهاء الحرب الأهلية في سوريا، لا أرى أي أسباب تمنع من عودة اللاجئين إلى وطنهم." وأضاف ميرتس أن من يرفض العودة طوعاً قد يتم ترحيله مستقبلاً، مؤكداً أنه "لا توجد أسباب بعد الآن لبقاء السوريين في ألمانيا تحت الحماية".
إلا أن وزير الخارجية يوهان فادهفول خالفه الرأي بعد زيارته الأخيرة إلى دمشق، حيث قال إن العودة في الوقت الحالي "محدودة جداً" بسبب حجم الدمار الهائل، مشيراً إلى أن الوضع في سوريا "أسوأ مما كانت عليه ألمانيا عام 1945".
ومنذ تلك التصريحات، تحاول الحكومة الألمانية التوفيق بين موقفي ميرتس ووزيره، في ظل انقسام داخلي واضح حول ملف الهجرة.
وفي هامبورغ، التقى التقرير ثلاثة لاجئين آخرين من حلب هم أحمد وغدير وملاذ الغريواتي، والذين أكدوا أنهم لا يفكرون في العودة حالياً رغم ارتباطهم العائلي بسوريا، معتبرين أن البلاد غير قادرة على استيعاب موجة عودة جماعية. وقال أحمد الغريواتي: "من يعود الآن سيزيد الضغط على ما تبقّى من البنية التحتية. سوريا لا تملك الإمكانيات لتأمين حياة طبيعية للناس." وأضاف أن هناك "ما يكفي من الأيدي العاملة داخل سوريا نفسها"، لكن المشكلة تكمن في غياب فرص العمل وانعدام الأمن.
ويرى التقرير أن اللاجئين السوريين يعيشون اليوم بين الحنين إلى وطن مدمّر والقلق من مستقبلهم في ألمانيا، خاصة مع تصاعد الجدل السياسي حول الهجرة. ويختتم أحدهم بالقول: "نحن تحت ضغط مستمر بسبب النقاشات السياسية حول اللاجئين. ليس لدينا خطة بديلة، لكننا نأمل ألا نُجبر على الرحيل."