الثلاثاء, 11 نوفمبر 2025 12:39 AM

تراجع إنتاج الزيتون في سوريا: أسباب تتجاوز المناخ وتستدعي خطة إنقاذ وطنية

تراجع إنتاج الزيتون في سوريا: أسباب تتجاوز المناخ وتستدعي خطة إنقاذ وطنية

يشهد موسم الزيتون هذا العام في سوريا تراجعاً ملحوظاً، حيث تشير التقديرات إلى انخفاض حاد في إنتاج الزيتون وزيته نتيجة لتضافر عوامل مناخية واقتصادية. ووفقاً لمكتب الزيتون في وزارة الزراعة، بلغ إنتاج الزيتون للموسم الحالي حوالي 412 ألف طن فقط، وهو ما يمثل انخفاضاً يزيد على 45% مقارنة بالموسم الماضي، بينما لم يتجاوز إنتاج زيت الزيتون 66 ألف طن هذا العام.

على الرغم من أن مكتب الزيتون أرجع أسباب التراجع إلى التغيرات المناخية وانخفاض الهطولات المطرية، واعتماد أكثر من 85% من المساحات المزروعة على الأمطار، إلا أنه لم يذكر أسباباً أخرى، منها تدمير عصابات النظام البائد لنحو مليون شجرة في أرياف إدلب، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بأشجار الزيتون خلال الحرائق في جبال الساحل في طرطوس وبانياس واللاذقية.

ويرى المهندس الزراعي محمود زكريا أن المشكلة أعمق من مجرد تقلبات الطقس، حيث أن شجرة الزيتون، التي تمثل رمزاً وطنياً واستراتيجياً للأمن الغذائي، تُركت لسنوات تواجه مصيرها دون منظومة دعم بحثي وإرشادي حقيقية. وتساءل عن دور البحوث الزراعية في إيجاد حلول علمية للتعامل مع الإجهاد المائي والحراري، وعن نتائج الدراسات حول أصناف الزيتون المتأقلمة مع الجفاف أو مقاومة الحرارة، وعن دور الإرشاد الزراعي في نشر الوعي بين المزارعين حول إدارة مياه الري التكميلي والتقليم والتسميد المتوازن.

وأوضح زكريا لـ”الحرية” أن تراجع الإنتاج بهذا الحجم لا يمكن أن يكون مفاجئاً لمن يمتلك نظام متابعة فعال، حيث كانت كل المؤشرات واضحة منذ بداية الموسم، لكن ما ينقص هو الربط بين البحث والميدان، وبين نتائج المختبرات وحقول الفلاحين. وأشار إلى أنه لا يكفي أن تتحدث الوزارة عن “استراتيجيات تطوير سلسلة القيمة”، ما لم تُترجم هذه الاستراتيجيات إلى خطط تنفيذية واضحة بمؤشرات قياس حقيقية.

وشدد على أن شجرة الزيتون في سوريا اليوم بحاجة إلى خطة إنقاذ وطنية، تقوم على محاور البحث والإرشاد والدعم الفني المباشر وإعادة تأهيل البساتين المتضررة، مع تعزيز الاستثمار في الري الحديث والطاقة المتجددة لخدمة هذا القطاع الحيوي.

ويبقى السؤال: هل سنستمر في الاكتفاء بعرض الأرقام والتبريرات، أم سنبدأ فعلاً بمرحلة جديدة تجعل من البحث العلمي والإرشاد الزراعي جناحين للنهوض بإنتاجية هذا المحصول الاستراتيجي؟

مشاركة المقال: